بعد فقدانها العمق المغربي.. سبتة تواجه هشاشتها بالارتماء في احضان الاتحاد الأوروبي

في خطوة تعكس الأزمة البنيوية التي تعيشها مدينة سبتة، كثّف الحاكم المحلي للمدينة في الآونة الأخيرة من دعواته إلى تعزيز الاندماج مع الاتحاد الأوروبي، في محاولة يائسة لتدارك الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها المدينة منذ أن شدّد المغرب مراقبته على المعابر الحدودية وأوقف أنشطة الته ريب المعيشي.

ووفق مصادر محلية، يسعى المسؤول الإسباني إلى إقناع بروكسل بزيادة الدعم المالي والاستثماري، بدعوى أن المدينة تواجه “تحديات استثنائية” مرتبطة بموقعها الجغرافي المنعزل وباعتمادها شبه الكلي على النشاط التجاري المرتبط بالمغرب.

غير أن هذه التحركات تكشف في العمق أزمة هوية اقتصادية متفاقمة، بعدما فقدت سبتة مواردها الرئيسية عقب تراجع حركة البضائع والبشر عبر الحدود المغربية، ما أدى إلى ركود تجاري غير مسبوق وارتفاع نسب البطالة والفقر في صفوف السكان المحليين.

ويرى مراقبون أن “توسل” الحاكم الأوروبي للحصول على دعم متزايد ليس سوى محاولة لتغطية الفشل في إيجاد بدائل تنموية حقيقية، في ظل واقع مدينة تعيش منذ عقود حالة انفصال جغرافي عن عمقها المغربي وتبعية إدارية لمدريد دون أفق اقتصادي مستدام.

ويشير محللون إلى أن التحولات الاقتصادية التي قادها المغرب في شمال المملكة — خاصة في طنجة والفنيدق وتطوان — جعلت سبتة تخسر مكانتها التجارية التقليدية، بعدما أصبحت المنطقة المغربية المجاورة مركزًا اقتصاديًا صاعدًا يعتمد على الصناعة والخدمات والتجارة المنظمة.

350 * 350
  • سبتة في مواجهة تحولات الشمال المغربي

في المقابل، يواصل المغرب تعزيز حضوره الاقتصادي واللوجستي في شمال البلاد من خلال ميناء طنجة المتوسط، الذي أصبح منصة تجارية عالمية تنافس كبريات الموانئ الأوروبية، إلى جانب المنطقة الصناعية الحرة التي جذبت استثمارات كبرى في مجالات السيارات والطيران واللوجستيك.

هذه المشاريع العملاقة أعادت رسم خريطة النفوذ الاقتصادي في غرب المتوسط، حيث لم تعد سبتة تمثل بوابة أساسية للتجارة، بل تحولت تدريجيًا إلى نقطة هامشية في مشهد إقليمي متغير تتحكم فيه الرؤية المغربية للتنمية المندمجة.

ويرى خبراء أن استمرار المغرب في نهج سياسة التنمية الموجهة نحو شمال المملكة سيعمق عزلة سبتة اقتصاديًا، ما لم تعترف مدريد بالتحول الجذري الحاصل وتبحث عن مقاربة جديدة للعلاقات مع الرباط تأخذ بعين الاعتبار معطيات الواقع الجيو-اقتصادي الجديد.

وفي نهاية المطاف، تبدو سبتة اليوم عالقة بين ذاكرة الماضي التجاري وواقع جديد تصنعه التنمية المغربية بخطى ثابتة، بينما يواصل حاكمها التسول السياسي والاقتصادي نحو أوروبا في محاولة لتدارك مدينة فقدت بوصلتها بين البحر والحدود.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.