تشهد الساحة السياسية والاقتصادية في المغرب جدلاً متزايداً حول الزيادة الجديدة في الضرائب المفروضة على السجائر الإلكترونية، بعد أن أقرت الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2025 رسوماً داخلية جديدة على هذا النوع من المنتجات، إلى جانب رفع الرسوم الجمركية المفروضة عليها في السنة الماضية.
بدأت الحكومة المغربية منذ سنة 2024 في تشديد سياستها الضريبية تجاه منتجات التدخين البديلة، حيث تم رفع الرسم الجمركي على السجائر الإلكترونية وأجهزتها من 2.5% إلى 40%، وفق ما نصت عليه الجريدة الرسمية آنذاك.
وفي مشروع قانون المالية لسنة 2025، جرى اقتراح فرض ضريبة داخلية على الاستهلاك تبلغ 50 درهماً لكل وحدة من السجائر الإلكترونية غير القابلة للتعبئة، وهو ما اعتبره البعض خطوة إضافية في اتجاه تقنين السوق وتعزيز الموارد الجبائية.
- جدل برلماني حول حجم الزيادة
أوضح فوزي لقجع أن الحكومة ترى أن الحلّ لمشكلة استهلاك السجائر الإلكترونية أو منتجات النيكوتين لا يكمن فقط في رفع الضرائب، بل يتطلّب «مقاربة شاملة» تضم التوعية، المراقبة، ومحاربة التهريب.
حذّر من أن رفع الضريبة بشكل مفرط قد يؤدي إلى انفلات التهريب وازدهار السوق السوداء، ما ينقض الهدف من هذه الزيادة. مثلاً، قال إن “إقرار ضريبة جديدة على واردات السجائر العادية سيفتح الباب أمام التهريب”.
شدّد أن المنتجات المعنية (السجائر الإلكترونية، وغيرها) خضعت بالفعل لزيادات ضريبية متتالية، لذا فإن زيادة إضافية ضخمة قد لا تكون فعّالة أو قد تؤثر سلباً.

رغم أن لقجع يعترف بخطورة هذه المنتجات على الصحة، فهو يرى أن التضريب وحده ليس كافياً لتحقيق النتائج المرجوة.
يركّز على ضرورة التوازن بين فرض الضرائب وجعْل السوق تحت السيطرة، بحيث لا تُضرب القدرة الشرائية للمستهلكين وتُفتح ثغرات للتهريب.
داخل البرلمان، لم يمرّ القرار دون نقاش. فبينما ترى الحكومة أن الهدف من الزيادة هو حماية الصحة العامة والحد من انتشار هذه المنتجات بين الشباب، اعتبر عدد من البرلمانيين أن المبلغ المقترح “غير كافٍ”، مطالبين برفع الضريبة إلى 100 درهم للوحدة، بحجة أن السجائر الإلكترونية لا تقل ضرراً عن التقليدية.
في المقابل، حذّرت الحكومة من أن أي رفع مفرط في الأسعار قد يؤدي إلى انتعاش السوق السوداء وتهريب هذه المنتجات عبر الحدود، ما سيقوض الأهداف الصحية والمالية في آن واحد.
- بين المبررات الصحية والاعتبارات الاقتصادية
تؤكد وزارة المالية أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مقاربة شاملة تهدف إلى تقليص استهلاك منتجات النيكوتين وتوجيه سلوك المستهلك نحو أنماط حياة صحية، إضافة إلى تحقيق العدالة الجبائية بين مختلف أنواع التدخين.
لكن خبراء اقتصاديين يرون أن نجاح هذا التوجه يظل رهيناً بمدى قدرة السلطات على تطبيق الرقابة ومكافحة التهريب، خاصة وأن السوق المغربية تشهد بالفعل انتشار منتجات مهربة بأسعار منخفضة.
- نظرة مستقبلية
يتوقع أن يواصل هذا الملف إثارة الجدل في الأسابيع المقبلة مع مناقشة البرلمان لتفاصيل قانون المالية. ويرى مراقبون أن الحكومة تحاول إيجاد توازن دقيق بين تحصيل الإيرادات الجبائية والحد من الأضرار الصحية، دون المساس بالقدرة الشرائية للمواطنين أو دفع السوق إلى مسارات غير قانونية.